الإرساليّات: صَيحَة الحرب في حياة اللذّة المسيحيّة
17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 19 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21 فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ:«يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22 فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.
23 فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ:«مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» 24 فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ:«يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25 مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ» 26 فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ:«عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».
28 وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ:«هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، 30 إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 31 وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».
معظم النّاس اليوم لا يؤمنون بأهميّة العمل المُرسَلي؛ فمثلاً "وولبرت بوهلمان" (Walbert Buhlmann)، سكرتير الإرساليّات الكاثوليكيّة في روما، قال لقادة دينيّن: "في الماضي، كان لدينا ما يُعرَف بدافِع خلاص النّفوس، وكانت لدينا قناعة أنّه إنْ لم تعتمد الجماهير ، فجميعهم سيهلكون. أمّا الآن، فشكراً لله، نحن نؤمن أنّ جميع النّاس وجميع الأديان هُم بالفعل يعيشون في نعمة الله ومحبّته، ورحمة الله ستخلّصهم". (تايم Time، عدد 27 ديسمبر 1982، صفحة 52). كما أنّ الأخت "إيمانويل" التي كانت تخدم بالقاهرة، مصر، قالت: "اليوم، لم نَعُد نتحدّث عن تغييرِ معتقدات أيِّ أحد، بل نتحدّث عن كوننا أصدقاء، ومهمّتي أنْ أُثبت أنّ الله محبّة، وأن أُشجِّع نفوس أولئك الناس". (تايم Time، 56). معظم النّاس، مثل هذين المرسلَين لا يُخضِعوا أنفسهم إلى سلطان الله في الكتاب المقدّس، بل عوضاً عن ذلك، هُم خَلَقوا لأنفسهم إلهاً بحسب ما أرادوا، يجعلوه يتفوّه بما يريدون هُم أنْ يقولوا. إنّهم يرغبون في أنّ هذا الإله يقول أنّ جميع النّاس سيخلصون سواء سمعوا برسالة الإنجيل أو لم يسمعوا، فهُم بذلك قد أَوجدوا إلهاً خاصّاً بهم.
الحياة الأبديّة رَهن العمل المُرسَلي:
إلاّ أنّ التّعليم الأساسي للوحي المقدّس يعترض على الإيمان الذي ينادي به هذا الإله الْجديد. تأمّل كلمات ابن الله التي تفوَّه بها عند دعوته لبولس الرّسول للقيام بخدمته التّبشيريّة:
وَلكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ. مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسَلُكَ إِلَيْهِمْ. لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا" (أعمال 26: 16 -18).
هذه الإرساليّة كان من المُمكن لها أنْ تصبح بلا معنى ولا جدوى لَو لَم تكن الأمم في حاجة إلى فتح أعيُنها لمِا أرسَلَه لها الرّبّ من خلال بولس الرّسول، أو لَو لَم تكُن في حاجة إلى التحول من الظُّلمة إلى النّور، أو لَو لَم تكُن بحاجة إلى الهَرَب من قوى الشّيطان إلى الله، أو لَو لَم تكُن بحاجة إلى غفران الخطايا والإتيان بالإيمان إلى المسيح الذي وعظ به سُفرائه القدّيسين. أي أنّه لم يَفْنِ بولس حياته كمبشِّر إلى أسيّا، ومقدونيّة واليونان وروما وأسبانيا، لمجرّد أن يحيط النّاس عِلماً أنّهم بالفعل نالوا الخلاص!. بل ليُعلِّم أنّ الخلاص بيسوع المسيح قد تمّ لكن لكُلّ من يتوب ويُعلِن طاعة الإيمان. لذا، عندما تُرفَض رسالة المسيح (مثلما رفضها اليهود في أنطاكية)، يقول بولس: "كَانَ يَجِبُ أَنْ تُكَلَّمُوا أَنْتُمْ أَوَّلاً بِكَلِمَةِ اللهِ وَ لكِنْ إِذْ دَفَعْتُمُوهَا عَنْكُمْ وَحَكَمْتُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَياةِ الأَبَدِيَّةِ هُوَذَا نَتَوَجَّهُ إِلَى الأُمَمِ" (أعمال 13: 46). إنّ ما يحمله مُبشِّر في جولاته التّبشيريّة لأُناسِ لَم يُبَشَّروا بَعْد هو "حياة أبديّة". حيث أنّ الإيمان بالمسيح والتّخلِّي عن كُلّ انتماء آخَر هو الهدف بِعَينه. "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" (أعمال 4: 12).
الخلاص يأتي فقط من خلال الكِرازة بالإنجيل:
الله ليس بِظالِم، فلا أحد سيُدان بسبب عدم إيمانه برسالة لم يسمع بها قطّ. أولئك الّذين لم يسمعوا قطّ ببشارة الإنجيل سيُدانون لأنهم لم يُدركوا الله من خلال نعمته ونوره وقوّة الطّبيعة التي خلَقها، وأخيراً ضمائرهم نفسها. "لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرَى مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ حَتَّى أَنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ" (رومية 1: 20- 21). بدون نعمة الله الخاصّة، النّاس أموات في الخطيّة، مُظلِمو الفكر ومُتجنِّبون عن حياة الله لسبب الْجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم. (أفسس 2: 1، 4: 18). إنّ الوسيلة التي رتَّبها الله لتدبُّر هذه النِّعمة المُخلِّصة هي الكرازة بإنجيل الرّبّ يسوع المسيح. "إِنِّي مَدْيُونٌ لِلْيُونَانِيِّينَ وَالْبَرَابِرَةِ لِلْحُكَمَاءِ وَالْجُهَلاَءِ. فَهكَذَا مَا هُوَ لِي مُسْتَعَدٌّ لِتَبْشِيرِكُمْ أَنْتُمُ الَّذِيْنَ فِي رُومِيَةَ أَيْضاً. لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ" (رومية 1: 14 -16).
إنّ الفكر الذي يُنادي بخلاص النّاس دون سماعهم بِشارة الإنجيل قد جَلَبَ الدّمار والفشل لمجهود الإرساليّات التّابعة للطّوائف ذات التّوجُّه اللاهوتي التّحرُّري الليبرالي الذي يرفض سلطة الكتاب المقدس. فعلى سبيل المثال، ما بين عامي 1953 و 1980 انخفض عدد المُرسَلين في العالم من إرساليّات الكنائس البروتستانتيّة الرّئيسيّة من 9844 إلى 2813 ، بينما زاد عدد المُرسَلين من الإرساليّات البروتستانتيّة الإنجيليّة التي تحمل رسالة الكتاب المقدس على مِحْمَل الْجِدّ بنسبة 200%. فمثلا تعضّد كنيسة إتحاد المسيحيَين الإنجيليين "Christian Missionary Alliance" بأعضائها ( 200.000 عضو) عددا من المرسلين يفوق بنسبة 40% عدد المرسلين الذي تعضّدهم كنائس الإصلاح "United Methodist Church " بأعضائها (9.5 مليون عضو). إنّ قوّة الإرساليّات التي تؤمن بكلمة الله مُذهِلة للغاية.
حافِزان لا يُقاوَمان يدفَعان إلى الاشتراك في عمل الإرساليّات:
ربّما العديد منكم على وشك أخذ قرار بالالتزام بخدمة جديدة للإرساليّات: البعض يتعهّد بالتزامٍ جديد لخدمة غير المؤمنين، والبعض الآخَر يلتزم بخدمة تعليم، وآخَرون يلتزمون باستخدامٍ جديدٍ للمهنة في الخدمة وخاصّة في المناطق غير المُكتظَّة بالكنائس، وغيرهم بحياة جديدة للعطاء والصّلاة والقراءة. إنّي أريد أن أُشجِّعك إلى أقصى حدّ ممكن، وأريد أن أجعل أسباب الاندماج في الإرساليّة جذّابة جدّاً حتّى لا تَعُد تستطيع أن تُقاوم جاذبيّتها.
لأولئك المسيحيّين الحقيقيّين السّاعِين إلى الفَرَح المسيحي، أُقدِّم لهم نَصّاً يستعرض حافِزَين لا يُقاوَمان ويَحُثّان على تَرْكِ أوطانهم من أجل المسيح وبِشارته.
1) كُلّ شيء مُستطاع عند الله:
أوّلاً، لاحِظ مرقس 10: 25 -27: "مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ. فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَ قَالَ. عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ". هذا واحدٌ من أكثر المُحادَثات المُشجِّعة التي وردت في الكتاب المقدّس للمُرسَلين. مَن مِن المُرسَلين لا ينظر إلى عمله أو خدمته ويقول: "هذا مستحيل"!. ويُؤكِّد المسيح على كلامه، بقولِه: نعم، إنّه مستحيل لدى النّاس، فلا أحد بالفعل يستطيع أن يُحرِّر شخصاً آخَر من قوّة عبوديّته لمحبّة المال. لقد ذهب الشّاب الغنيّ ذو النّفوذ أيضاً حزيناً بسبب رابطة لم يستطع أحد من البشر أن يفُكَّها له. نعم، البشر يستحيل هذا عليهم. إنّ عمل المُرسَل يعني ببساطة تحرير قلب إنسان من كل ما يربطه بغير المسيح، وربّما يُعتَبر هذا مستحيلاً، لو ارتكز على البشر فقط، لكنّه مُستَطاع بالطَّبع لدى الله، لأنّ كلّ شيء مُستَطاع لديه. وهذا بِعَينه يحمل دافِعاً نحو خدمة الإرساليّات (العمل المرسلي).
ذهبت أنا ونويل إلى مؤتمر أربانا عام 67، وتذكّرت كيف أنّ جون الكسندر (مدير الهيئة المنظمة للمؤتمر)، قال إنّه كان يعتقد وهو صغير أنّ "لو كانت عقيدة اختيار الله السابق للمؤمنين وسلطته المطلقة في تعيينهم لكي يشابهوا صورة المسيح شيئا حقيقيا، لم أَصِر يوماً مُرسَلاً"، ثمّ أضاف "إلاّ أنّي الآن وبعد سنوات قضيتها في الحقل المُرسَلي أقول: "لَو لم تكن هذه العقيدة العميقة حقيقية، لَم يكُن في استطاعتي أبداً أن أبقى مُرسَلاً، ولو لم يكُن الله خَلْفَ هذا الشّأن برُمَّته ويفعل كلّ ما هو مستحيل لدى النّاس، لكان عمل المُرسَل دون رجاء أو ثمار، فمَن سوى الرّبّ يستطيع أن يُقيم الأرواح الميّتة ويعطيها أُذُن لتُصغي للبشارة (أع 16: 14)؟". إنّ المبادئ الكتابيّة العظيمة لاختيار الله السابق للمؤمنين وتعيينهم لكي يشبهوا صورة ابنه، ونعمته الفائقة التي لا تُقاوَم عند الوعظ بِاسْم المسيح جميعها دوافع قديرة للاقتراب إلى المسلمين أو الهندوس أو البوذيين، أو قبائل ومجموعات أُخرى يبدو أُناسها مثل القواقع في الشّدة ومُقاوِمين للكرازة بالإنجيل.
قال الرّبّ يسوع: "وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي" (يوحنّا 10: 16). لذا، عندما كان يدخل بولس في رحلاته التّبشيريّة مدينة تِلوَ الأُخرى، كان هدفه واضحاً، جَمْع هذه الخِراف. لقد قال الرّبّ لبولس في رؤية عند دخوله كورنثوس (أعمال 18: 9-10): "فَقَالَ الرَّبُّ لِبُولُسَ بِرُؤْيَا فِي اللَّيْلِ لاَ تَخَفْ بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ. لأَنِّي أَنَا مَعَكَ وَلاَ يَقَعُ بِكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ لأَنَّ لِي شَعْباً كَثِيراً فِي هذِه الْمَدِينَةِ". وعندما انتهى بولس من عِظَته في مدينة إنطاكية وَصَفَ "لوقا" النّتيجة هكذا: "فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنينَ لِلٍحَياةِ الأَبَدِيَّةِ" (أعمال 13: 48). إنّ المُرسَل الذي يذهب حامل معه الحقائق الكتابية العظيمة حول اختيار الله السابق ونعمته التي لا تُقاوم فهو يذهب بثقة وهو يعلم أن الله سيفعل للآخرين كما فعل سابقاً مع ليدية، "فَفَتَحَ الرَّبُّ قَلْبَهَا لِتُصْغِيَ إِلَى مَا كَانَ يَقُولُهُ بُولُسُ" (أعمال 16: 14).
عند الحديث عن دخول ملكوت السّموات، يجب معرفة حقيقَتَين هامَّتَين: الأولى، "أنّه غير مُستَطاع لدى البشر"، ولا أحد سيَخلُص. الحقيقة الأُخرى، "كلّ شيء مُستَطاع لدى الله"، ومن ثمّ، فإنّ أولئك المُعيَّنين للحياة الأبديّة، سيُصغون إلى البِشارة ويُؤمنوا ويَخلُصوا. لقد قال "دايفيد برينارد" (David Brainerd) الذي ألهَبت مُذكّراته وإصداراته المُنتَظَمة العمل المُرسَلي لدرجة حتى تُعتبر كثاني مصدر بعد الكتاب المقدّس، إنّه يعيش لشَيئَين، قال عنهما: " قداستي، وجَمْع خراف الله المُعيّنين".
لذا، الدّافع الأوّل لخدمة الإرساليّات هو التّشجيع العظيم الذي نناله عندما نُقرِّر مغادرة الوطن من أجل المسيح وبشارته، لنرى عمل الرّبّ وِفق خطّته الأزليّة الأبديّة في تحوُّل النّاس إلى الإيمان بالمسيح. واحد يزرع، والآخَر يروي، لكنّ الله وحده هو الذي يُنمِّي (1 كورنثوس 3: 6، 7). غير المُستَطاع لدى النّاس، مُستَطاع عند الله، هو سيفعله. يا لَها من إثارة أنْ تسير مع الرّبّ إلى مدينة لم يَسِرْ إليها أحد من قبل وكانت مملوكة للشّيطان، لتسمع الرّبّ يقول لك عندئذ، لاَ تَخَفْ، تَكلّمْ، ولا تَصْمُتْ ... لأنِّ لي أُناساً كثيرين في هذه المدينة لابُدّ لي أنْ أجمعهم أيضاً، وسيُصغي قطيع الخِراف إلى صوتي.
2) المسيح ذاته سيعوِّض عن كلّ خسارة:
إنّ الدّافع الثّاني لكي تصير مُرسَلاً تجده في مرقس 10: 28- 30 "وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ. إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَياةَ الأَبَدِيَّةَ". لا يَعْني هذا النّصّ الكتابيّ بأنّك ستصبح غنيّاً من النّاحية الماديّة إذا صرت مُرسَلاً، أو على الأقل ليس من زاوية أنّ ممتلكاتك الخاصّة ستزداد، بل يقصد بصفة رئيسيّة أنّه إذا حُرِمْتَ من أُسرتك الأرضيّة من أجل خدمة المسيح، سيُعوِّض لك ذلك بمِئة ضعف في عائلتك الروحية، وهي الكنيسة. إلاّ أنّه حتّى هذا محدود جدّاً، فمثلاً ماذا عن المُرسَلين الذين عملهم طالَ لسنوات عديدة، إلاّ أنّهم لم يُحاطوا بمئات من الأخوات والأخوة والأُمّهات والأطفال في الإيمان؟ هل هكذا لم يَصِر الوعد حقيقيّاً لهُم؟ كلاّ، بالتّأكيد هو لهُم أيضاً.
بالتّأكيد قَصَد الرّبّ أنّه بنفسه سيُعوّض عن كلّ خسارة، فلَو فقَدْتَ اهتمام أُمّ حنون، فسيُعوّض ذلك بمِئة مرّة من خلال اهتمام وعطف من المسيح ذاته الحاضر والحيّ للأبد. لَو خسرت علاقة صداقة دافئة مع أحد الأخوة، فستنال بمقدار مئة مرّة علاقة أدفأ مع المسيح ذاته. لو فقدت الإحساس بالانتماء ودفء الأُسرة اللذَين تجدهما في بيتك، فستُعوَّض بمقدار مائة مرّة من خلال الرّاحة والأمان في معرفتك بأنّ الرّبّ يملك كلّ منزل وأرض وجدول مياه، وشجرة على كلّ الأرض. ألَيس هذا ما أراد أن يقوله المسيح للمُرسَلين ببساطة: إنّي أَعِدُكم بأن أعمل باجتهاد أيضاً من أجلكم حتّى لا يمكنكم في وقت ما أن تتحدّثوا عن أيّ تضحية تكونوا قد قدّمتموها. هذا على الأقل ما حدث مع "هيدسون تايلور" (Hudson Taylor)، لأنّه وبعد انتهاء 50 عاماً على عمله المُرسَلي في الصّين قال: "لم أُقدِّم أبداً أيّ تضحية".
إنّ هدف المسيح هو تمجيد ذاته في مشروع الإرساليّة العُظمى، ومن ثمّ يقصد أنْ يظلَّ هو الذي يٌفيدنا ببركاته ، ونظلّ نحن المُستفيدين. حتّى وحينما ندعى "مُرسَلين"، نظلّ غير مُستحقِّين أن ننتمي إلى مَصحَّة المسيح الروحية. لأنّنا ما زلنا بحاجة إلى طبيب صالح، وما زلنا فقراء وبحاحة إلى ثروته. لذا عندما يُرسلنا إلى ليبريا أو الكاميرون أو البرازيل أو اليابان أو الهند أو الصّين، فهو يُرسلنا هناك كجزء من علاجنا الروحي. وهو يقول: أعرف أيضاً أنّه سيكون هناك بعض الآثار الْجانبيّة قد تبدو سلبية لهذا العلاج، على سبيل المثال، الاضطهاد، إلاّ أنّي أَعِدُكم بصفتي طبيبكم أنّكم لو اتَّبعتم هذا البرنامج التّبشيري الصّحي، فإنّ حالة صحتكم الروحية ستتحسّن بمقدار مئة مرّة أكثر ممّا لو رفضتموه. إنّ المُرسَلين ليسوا بأبطال يمكنهم التّفاخُر بمقدار التّضحيات التي قدّموها لله، إنّهم مجرّد أُناس ساعِين سَعياً جادّاً للفَرَح المسيحي الحقيقي. إنّهم يعرفون جيّداً أنّ معركة نَوال الفَرَح المسيحي والسَّعي له تتطلّب منهم أن يشتركوا في عمل الإرساليّات، واكتَشفوا أنّ هناك فَرَح وشَبَع في حياة مُكرّسة للمسيح وبشارته يفوق مائة مرّة عن حياة مُكرّسة للطَّيش، والمُتَع، والتّقدُّم الدُّنيَوي. كما يقول "رالف ونتر" (Ralph Winter) في نهاية كُتيِّبه: "قُل نعم للإرساليّة"، "إنّ المسيح من أجل السُّرور الموضوع أمامه احتمل الصّليب، مُستهيناً بالخِزي ... فإذا أردت أن تتبعه، فهذا اختيارك أنت، ولكن لا تنسَ الفرح!". و"كامبل وايت" (Cambell White) قال أيضاً في 1909، عند بلوغ حركة المرسلين الشعبية (Layman's Missionary Movement) ذروتها: "إنّ الشُّهرة، والمَلذّات، والغِنى جميعها قشور ورماد إذا ما تمّ مقارنتها بالفَرَح غير المحدود والثّابت للعمل مع الله لإتمام مقاصده الأبديّة".
أنا لا أُناشدك لاختبار شجاعتك وتضحياتك من أجل المسيح، لكنّي أَحُثّك على التّخلّي عن كلّ ما عندك لتمتلك لؤلؤة اللآلئ. أدعوك أن تحسب كلّ الأشياء نفاية من أجل القيمة الفائقة للوقوف في خدمة ملك الملوك. أَحُثّك على خلع ملابسك ذات المبلغ الباهظ وما هي إلا هلاهيل بالمقارنة مع مَلابِس سُفَراء الله التي سترتادونها. أَعِدُك باضطّهاد وحِرمان، لكنْ "طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَواتِ" (متّى 5: 10).
دافِعَين يجعلانك مُرسَلاً، مباشرة من فَمّ يسوع المسيح: 1) كلّ شيء غير مُستَطاع لدى الناس هو لا شيء بالنّسبة إلى الله؛ تحوُّل الخُطاة وإيمانهم سيكون عمل الله وسيَتَماشى مع خطّته العظيمة المُطلَقة. نحن نحتاج أن لا نخاف أو نقلَق بسبب ضعفنا، لأنّ الحرب هي حرب الرّبّ وهو سيعطينا الانتصار. 2 ) يَعِد المسيح بأن يعمل من أجلنا كثيراً حتّى أنّه عند انتهاء خدمتنا في العمل المُرسَلي، لن نقول أنّنا ضحّينا بأيّ شيء. عندما نتبع وَصفَته الطبيّة التّبشيريّة، سنكتشف تحسُّن حالتنا حتى في الأعراض الْجانبيّة السلبية، سنكتشف نُموَّنا، وصحّة حالتنا الروحيّة، وفَرَحنا، كُلٌّ ينمو بمقدار مائة ضِعف.
سببان يُبرِّران عمل الرّبّ في الكنيسة المحليّة:
والآن أَودّ أن أُعطيكم سبَبَين إضافيّين يُبرّران سبب اعتقادي أنّ الله سيعمل عملاً مُذهلاً في خدمة الإرساليّات في كنيستنا المحليّة في المستقبل القريب.
*1) تشجيعات جديدة من الرّوح: *
لقد دعى الرّبّ "جلين أوجرين" (Glenn Ogren)، وهو من فريق عملنا إلى خدمة الإرساليّات. كما أنّ الليلة سنرسم "عائلة جايجر" ( Jaeger family) اللذان سيسافران إلى ليبريا يوم الثلاثاء، وهُما أوّل مُرسَلَين من كنيستنا المحليّة ، منذ عهد ستيفن نيلسون، أي منذ عشر سنوات. العديد من فِرَق الخدمة ودراسة الكلمة، كفريق خدمة الصّلاة من أجل غير المؤمنين، وفريق خدمة الإرساليّات في الكنيسة، جميعهم يدرسون ويصلّون ويَحلُمون بتحوُّل كنيستنا من كنيسة محليّة إلى عالميّة. مجموعة خدمة المرأة تستمرّ بصفة مُنتَظَمة في الصّلاة والتّعليم. يعطي "توم ستلر" (Tom Steller) ثِقلاً كبيراً لإمكانيّة اصطحابه لفريق في الصّيف القادم إلى المركز الأمريكي للإرساليّات العالميّة (U.S. Center for World Mission) للالتحاق ببرنامج دراسي في المعهد الدّولي للدّراسات (Institute of International Studies). كما أنّ "رالف وينتر"، مُؤسّس هيئة (U.S.C.W.M ) قد وافق على أن يكون المُتحدِّث الرّئيسي للمؤتمر السّنوي القادم للإرساليّات. إنّ التّطوُّرات التي حدثت في كنيستنا المحليّة لم يُصمِّمها شخص ما، بل هي دليل في حدّ ذاتها على أنّ شيئاً جديداً سيفعله روح الله على وشك الحدوث. فالعديد منكم يصلّي إلى الرّبّ من أجل الحصاد، وها هي الثّمار الأُولى بدأت بالفعل أن تظهر.
*2) فَهم جديد لعالَم ذو حاجة ماسّة: *
السّبب الآخَر الذي يجعلني أعتقد أنّ الله سيعمل عملاً مدهشاً في مجال الإرساليّات في كنيستنا، هو أنّ الحاجة المُلِحّة للعالَم أصبحت في ازدياد بشكل واضح، ونحن لَسنا من أولئك الذين يمكنهم تجاهل ذلك. إنّ الكذبة الكُبرى للشّيطان حاليّاً تكمُن في ادِّعائه بأنّ الإرساليّة العُظمى قد تمّت بالفعل في الأجيال الماضية، ولذلك على الكنيسة أن تتخلّى عن فكر الحرب الروحية. لقد أخطأ النّاس فَهم كلمة " الأُمم"، التي وردت في متّى 28: 19 "تَلمِذوا جميع الأُمم"، على أنّها الدُّوَل ذات الحدود المُتعارَف عليها اليوم، وخَلَصوا من ذلك أنّ الأُمم فيها الآن تلاميذ بالفعل، والمُنتهى يمكن الآن أن يأتي. إلاّ أنّهم بذلك نَسوا ترنيمة السّماء في رؤيا يوحنّا 5: 9 التي يُمتَدَح فيها المسيح، ويُقال له: "مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ".
هكذا، عندما أرسل المسيح تلاميذه في الإرساليّة العُظمى، لم يكُن في ذهنه الحدود السّياسيّة المُتعارَف عليها الآن. كان بذهنه كلّ النّاس البعيدين بما فيهم جميع القبائل والعشائر والألسنة. واليوم، يوجد 16,000 مجموعة لم يَصِل لها الإنجيل، ولم تُتَلمَذ بعد. لو أنّ كلّ مسيحي في العالَم ربح للمسيح كلّ جيرانه، سيبقى نحو نصف العالَم لم يُبَشَّر بعد، حيث أنّه ما يُقارِب من بليونين من النّاس في شكل مجموعات مُنعزِلة لها ثقافتها الخاصّة بها، وليس لها شاهد من بني أهلها. هم يُمثِّلون "شعوب خفيّة"، والسّبيل الوحيد للوصول إليهم هو إرسال مُرسَلين مُلِمِّين بهذه الثّقافات، وغيرها أيضاً، في آنٍ واحد. إنّ يوم إرسال الإرساليّات الأجنبيّة لم ينتَهِ بعد، بل على النّقيض تماماً نحن نقف على حافّة حركة ونهضة جديدة في الكنائس الغربيّة، وكنائس العالَم الثّالث لاختراق أقاصي الأرض.
نحو 150 مُرسَل بروتستانتي من أمريكا الشّماليّة يخدمون بين نحو 733 مليون مُسلِم في 4000 مجموعة من المُسلِمين، ثمّ نحو 100 مُبشِّر يخدمون بين 537 مليون هندوسي في 3000 مجموعة من الهندوس؛ وما يُقارِب من 200 مُرسَل يخدمون بين 405 مليون صيني، و 200 مُرسَل آخَر بين 255 مليون بوذي. فهكذا يخدم حوالي 650 مُرسَل بروتستانتي من شمال أمريكا ليقدموا رسالة الإنجيل لنصف عدد سكان العالَم تقريباً الذي لم يصل إليه أحد بعد لتبشيره (1,930,000,00). ثمّ بعد ذلك ننظر إلى أمريكا. إنّ عدد الكنائس التي تتواجد فقط في المرَّبع الجغرافي لكنيستنا هذه، يفوق عدد المُبشِّرين المُرسَلين لنحو 2 بليون مُسلِم وهندوسي وبوذي وصيني ...هل هذه طاعة لله ولأمر المسيح بتبشير العالم؟ يُقدِّم الأمريكيّون نحو 700 مليون دولار في العام للإرساليّات، وهو تقريباً المبلغ نفسه الذي يصرفونه على اللِّبان (العلكة)، ويصرف الأمريكيّون كلّ 52 يوم على طعام الحيوانات الأليفة ما يعادل ما يقدّمونه في عام كامل على الإرساليّات الأجنبيّة. والسّبب حول هذه الأشياء لا يَكمُن في رغبتنا في رغدة العَيش والمُتَع العالميّة وحسب، بل لأنّنا لا نؤمن بكلام يسوع المسيح الذي قاله حول مُتعة التّخلّي عن الأشياء من أجل بشارة الإنجيل، تلك المُتعة التي تفوق مئات المرّات مُتعَة العالَم.
بناء كنيسة عالميّة:
لقد تلقّيت مكالمة هاتفيّة يوم الْجمعة صباحاً من أحد المعاهد اللاهوتيّة من الْجهة الأُخرى من القُطر، وكان يسألني عن إمكانيّة وضع اسمي على قائمة المُرشَّحين ليكونوا مُدرِّسي العهد الْجديد. لم يتطلَّب الرّدّ منّي أكثر من خمس ثواني، فقد قلت له: "كلا"، لأنّه لديّ كنيسة عظيمة، والله بدأ في عمل عظيم فيها. ومن فضلك لا تضع حتّى اسمي على قائمتك. إنّي أريد بناء كنيسة عالميّة مع شعبي هنا. وأريد أن أرى مُرسَلين جُدد يخرجون من هذا الكَيان الواحد كلّ عام، وأريد أن أكون مُتواجد هنا عندما تعود "عائلة جايجر" (Jaeger family) في أوّل عطلة لهُما، وأريد أن أسافر إلى بعض حقول الخدمة وأخدم مُرسَلينا هناك وأرجع بتقارير بما يصنع الرّبّ معنا هناك. أريد أن أَعِظ وأكتب بطريقة تجعل الصّغار والكبار من الرّجال والنّساء، لا يقدرون على الاستمرار في أعمالهم العادية الروتينية في حين أن عدد الكنائس في منطقتنا يفوق عدد المُبشِّرين في نصف العالَم. التّحدي عظيم، ولكنّ الله أعظم. والمُجازاة أفضل مئات المرّات من أيّ شيء يُقدّمه العالَم. إنّ المعركة تُنادي بصوتٍ عالٍ على أولئك السّاعِين للفَرَح المسيحي ومُتعَته، وتقول: اذهبوا! ضاعِفوا فَرَحكم في الرّبّ بمشاركتكم الأخبار السّارّة مع السّاكنين في رُبوع الأرض.